الاثنين، 29 ديسمبر 2008

بيان أمير المؤمنين إلي كلبة صهيون




غرة محرم عــام 1430
بيان أمير المؤمنين إلي كلبة صهيون


من أمير المؤمنين


إلي كلبة صهيون حفيدة القردة والخنازير
أعلمي أيتها الحقيرة أنك قد ولغت في دماء مسممة وليست بالرخيصة ، والجواب ما تريه دون أن تسمعيه لنبعثن اليك بجيش أوله عندنا وأخره عندك ولنخرجن الأعز منها الأزل وستعود القدس لنا حر ة وسيعلو صوت التكبير ولتدفعن الجزية عن يد وانتم صاغرون


إلي كل الشعوب المسلمة أعلموا أنما تهزم الأمة بذنوبها فعلي جميع الشعوب العربية والإسلامية التالي :

1. توبوا إلي الله وتخففوا من ذنوبكم حتى تصمدو أمام عدوكم ( وتوبوا الي الله جميعا ً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
2. أعدوا للعدوكم ما استطعتم من قوة ( الساعد – السلاح – الأيمان – الدعاء )
( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )
3. استعدوا وتأهبوا للجهاد فأنه سبيل العزة والكرامة يقول النبي ص ما ترك قوم الجهاد إلي زلوا )
4. تمسكوا بكتاب ربكم وسنة نبيكم يقول النبي ص ( تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي )
5. تبرعوا قدر استطاعتكم لإخوانكم في غزة

إلي حكام العرب والمسلمين :

أعلموا أنكم موقوفون بين يدي الله ,ان التاريخ شاهد عليكم واعلموا ان الظلم ظلمات يوم القيامة كفوا أيديكم عن شعوبكم واتقوا الله ربكم ولا تركنوا لعدوكم ووحدو كلمتكم ووجهوا ضرباتكم لعدوكم وانبذوا الفرقة والخلاف ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا )
وعليكم بالتالي :
1. افتحوا المعبر لإخوانكم فالإسلام لا يعرف حدوداً
2. إلغاء كافة المعاهدات مع الكيان الصهيوني المغتصب
3. وقف تصدير الغاز والبترول وأي منتجات أخري للعدو الصهيوني
4. طرد السفراء اليهود والأمريكان من بلدانكم
5. قطع جميع العلاقات مع الدول التي تدعم الاحتلال
6. تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك

السبت، 27 ديسمبر 2008

ياغزة عذراً ومثلي ليس يعتذر


فلتسامحينا يا غزة
كنت هناك ذات يوم
أبكى
أصرخ
اليوم مازلت أبكى
مازلت أصرخ
قالت لى: يا أحمد ماذا فعلت؟
قلت لها: لم أفعل شئ سوى أنى جلست أبكى
قالت لى وهل البكاء يجدى ?
هل البكاء سينقذ الناس ?
وذهبت
وولت
أخذت أهرول خلفها
لا..لا تبتعدى
سنقاتل من أجلك
سنكون لكِ سنداً
حتى بح صوتى وتقطعت أنفاسي
غزة.. هل تسمعينى
جئتك اليوم بدمائى فهل تقبليها ؟
أعذرى تقصيرى
حاولت ان أكون معكِ
لكن حكومتى الرشيدة حالت دون ذلك
وتعاملت مع عدوك
من يقتلك كل يوم ألف مرة
من يقتل أطفالك
من يمنع عنكِ الماء والدواء والغذاء
تركوكى يا غزة تصرخين تنتحبين
لكنى لست مثلهم
أنا برئ من أفعالهم
سأقاطع بضائعهم
لن أمد يدى لهم سألعن من يعاملهم
سأُخرج ما معى من نقود من أجلك
سأذهب لكى أقف بجوار أهلك
لأشعرهم أننا معهم
وأنهم ليسوا وحدهم
وسأرفع يدى بالدعاء
آلهى يا رحمن يا رحيم يا من بيدك كل شئ هؤلاء عبادك يُقتلون يحاصرون من أعدائك
اللهم أمنحهم صبراً حتى يقفوا من جديد فى وجه أعدائك
حتى يقاتلوا أعدائك
وامنحنا نحن قوة لكى نثور على حكامنا الظالمين
امنحنا رؤية للحق يا آلهى
هم ليس لهم سواك إن أجاعهم العالم فهم عيالك ستطعمهم
إن اهانهم العالم سيعرفون الكرامة من نورك
الهى فلتمنح نفوسنا السكينة
ضاقت بهم الأرض سرقوا منهم الأرض
لكن أنت القيوم أنت الجبار انت العدل لتقضى على من ظلمهم ولتجعلهم عبرة لكل من يخالفك اللهم آمين أللهم أمين



الجمعة، 26 ديسمبر 2008

إلى متى هذا الحصار ؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
قضية فلسطين كانت ولا تزال وستظل قضية المسلمين الأولى لا لكونها قضية وطن مُغْتصب، أو شعب مُضْطهد بل لأنها مع ذلك بل قَبْله قضية إسلام وإيمان فهي تُمثّل بؤرة الصراع العقائدي، وميدان المواجهة الحضارية بين الإسلام وأعدائه في أوضح وأقسى صورها، فالمسجد الأقصى أول مسجد بُني بعد البيت الحرام، وكان قبلة المسلمين الأولى، وأسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه ومنه عرج به إلى السماء، وخُصَّ مع الحرمين الشريفين بشد الرحال ومضاعفة أجور العبادة.واليوم تتبدى خيوط المؤامرة الكبرى على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني التي لم تعد تخفى على كل ذي عينينوتتلخص حلقات الجريمة الكبرى فيما يلي:1- أمريكا وأوروبا أزعجت العالم كله والعالم الثالث على وجه الخصوص بالمطالبة بالديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، ولما فاز أوباما ازداد ضجيجهم وعلا صخبهم بالديمقراطية لكن هذه الديمقراطية التي بها يتشدقون محرمة على الشعوب المسلمة وعلى الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص، ولذلك لما مضى الفلسطينيون على طريق الديمقراطية عاقبهم العالم كله بالمقاطعة والحصار والتجويع والقتل البطيء ولعل الخال يذكر بقوله تعالى{ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ } . 2- تنادي الهيئات الدولية والحكومات الغربية بحقوق الإنسان في دارفور كما يزعمون ثم يدفنون حقوق الشعب الفلسطيني ويدوسونها بدبابات العدو الصهويني وآلته العسكريه وها هو العالم كله يرى كل حقوق الإنسان تهدر فيموت المرضى ويعاني الأطفال ويتألم الشيوخ ويعذب الرجال والنساء، بل تموت الطيور والحيوانات وكأن القوم عمي لا يبصرون، وصم لا يسمعون، وبكم لا ينطقون. 3- أما العدالة والمساواة التي يتشدق بها ساسة العالم المعاصر فهي كذبة كبرى، فها هو الكيان الصهيوني يرتكب كل يوم جرائم يندى لها جبين الإنسانية، ويستنكرها كل من كان في قلبه مقدار ذرة من رحمة أو إنسانية، فأين العدالة ومنظماتها الدولية من هذا الهلوكوست الذي يرتكبه الكيان الصهيوني في حق أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني مسلم في غزة.إن الأمة الإسلامية تتطلع إلى حكامها وعلمائها وأهل الرأي فيهايا حكام المسلمينإن كارثة حصار غزة وما ينتج عنها أعظم وأكثر أهمية من أن تربط بأوضاع الخلافات والمزايدات السياسية، وهي تمثل مفصلاً حرجاً واختباراً حقيقياً لإرادة الأمة وكرامتها بل لقدرتها ووجودها ووحدتها.إنني أناديكم باسم الإسلام الذي تنتمون إليه أن تقوموا – على كل المستويات وبجميع الوسائل – بما يلزم لكسر الحصار ووقف كل أشكال التجويع والتركيع لشعب غزة، ومواجهة الخطط الصهيونية تجاه القدس والمسجد الأقصى، وذلك هو المأمول منكم وليس أقل من ذلك.إن المسئولية على عواتقكم ضخمة أمام شعوبكم وأمتكم، وقبل ذلك بين يدي الله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل:111] فماذا أنتم قائلون لربكم عندما يسألكم عن إخوانكم في غزة؟يا علماء المسلمين في هيئات الإفتاء في الدول الإسلامية المختلفة ، وفي المجامع العلمية الفقهية، وفي الأزهر الشريف وفي الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام ودعاته:إن الأمة تتطلع دائماً لعلمائها وتنتظر مواقفهم وتصدر عن آرائهم، وإن الأمانة في أعناق الجميع عظيمة وهي في أعناق العلماء أعظم، ومن هنا أقترح عليكم ما يلي:1- إرسال برقيات عاجلة لكل من:‌أ- منظمة المؤتمر الإسلامي.‌ب- جامعة الدول العربية.هـ- جميع رؤساء الدول العربية والإسلامية لا سيما الدول المجاورة لفلسطين ومطالبتهم كل بحسبه بأن يقوموا بواجبهم في كسر الحصار وخروج الحجاج والتصدي لتهويد القدس وحفريات المسجد الأقصى.2- تشكيل وفد من العلماء والوجهاء من العالم الإسلامي للتوجه إلى غزة عبر معبر رفح (براً) أو عبر ميناء غزة (بحراً) لكسر الحصار ولفت أنظار العالم للمعاناة الفلسطينية والجرائم الصهيونية ولا ينبغي أن يقوم الأوربيون غير المسلمين من شتى البلاد بمثل هذا وأمة المليار ونصف المليار تقف عاجزة تتفرج دون أي حراك.3- تشكيل وفد من كبار العلماء والتحرك العاجل لزيارة قيادة المملكة ومصر من أجل العمل المباشر تجاه الوضع الراهن.وهذا أقل الواجب المأمول من علمائنا وهم جميعاً أعلم مني وأكثر حماسة وأشد غيره وفيهم ومنهم يؤمل الخير الكثير.يا شعوب المسلمين:أنتم وقود المواجهة مع أعداء الإنسانية وخصوم الإسلام والمسلمين في كل أرض وتحت كل سماء، لتكن لكم كلمتكم المسموعة، فإن إخوانكم في غزة يعلقون عليكم – بعد الله - آمالاً عظيمة وكبيرة فكونوا أخوانا لهم ولا تخذلوهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) [رواه البخاري ومسلم] ويقول صلى الله عليه وسلم : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) [صحيح مسلم].قوموا بنصرة إخوانكم بما تقدرون عليه من مال أو رأي أو مشورة أو جهد إعلامي وعلمي وقدموا كل ما يمكن من نشاطات سلمية بأساليب حضارية، ولا تغفلوا عن الدعاء فالله تعالى يستجيب للمسلم دعاءه لأخيه المسلم في ظهر الغيب.ووالله إن كل واحد منا مسؤول بحسب مكانه ومكانته عن كل نفس تزهق في غزة ماذا قدم لها وماذا فعل من أجل رفع الحصار عنها وماذا فعل من اجل نصرة إخوانه في المسلمين في غزة.فلنعد للسؤال جوابا.وأنتم يا أهل غزة:أنتم الأحرار رغم الحصار.أنتم الأبطال رغم التضحيات.أنتم الأعزاء رغم كل شيء.أنتم بصمودكم سطرتم ملحمة من أروع ملاحم البطولة التي عرفها التاريخ.اصبروا وصابروا والله تعالى يقول : {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [ آل عمران : 120 ]لله دركم، ولله صبركم وجهادكم، ولله تضحياتكم.أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يكشف عنكم الغمة، ويفرج الكربة، وأن يزيدكم إيمانا وثباتا ويقينا.{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [ آل عمران : 139 ]{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً} (النساء : 104 ){فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [ محمد : 35 ]فهنيئا لكم معية ربكم، والنصر بإذن الله لكم، والخزي والعار لمن تآمر عليكم أو خذلكم، ونقول لهم:{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة : 52

خلق الحياء وأهميته في حياة المسلم

اعلم أن الخير والشر معان كامنة تعرف بسمات دالة كما قال سلم بن عمرو الشاعر:-
لا تسأل المرء عن خلائقه في وجهه شاهد من الخبر
فسمة الخير: الدعة والحياء, وسمة الشر: القحة والبذاء, وكفى بالحياء خيرا أن على الخير دليلا, وكفى بالقحة والبذاء شراً أن يكونا إلى الشر سبيلا, وقد روى حسان بن عطية عن أبي إمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحياء والعي شعبتان من الأيمان, والبذاء والبيان شعبتان من النفاق " أخرجه أحمد والترمذي والحاكم. ويصد بالعي: سكون اللسان تحرزاً عن الوقوع في البهتان, والبذاء: ضد الحياء وهو فحش الكلام, والبيان: فصاحة اللسان والمراد به هنا ما يكون فيه أثما من الفصاحة كهجو أو مدح بغير حق, ويشبه أن يكون العي في معنى الصمت, والبيان في معنى التشدق, كما جاء في حديث آخر: " إن أبغضكم إلى الله الثرثارون المتفيهقون المتشدقون ", وروى أبوسلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الحياء من الأيمان والأيمان في الجنة, والبذاء من الجفاء والجفاء في النار " في معجم الطبراني, سنن البيهقي, وأخرجه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح, وأخرجه البخاري في الأدب عن أبي بكرة. ( الحياء من الأيمان ) المسلم عفيف حييي والحياء خلق له, والحياء من الأيمان والأيمان عقيدة المسلم وقوام حياته فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الأيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الأيمان " رواه البخاري ومسلم, وسر كون الحياء من الأيمان أن كلا منهما داع إلى الخير صارف عن الشر مُبعد عنه, فالأيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي, والحياء يمنع صاحبه من التقصير في الشكر للمنعم ومن التفريط في حق ذي الحق كما يمنع الحيي من فعل القبيح أو قواه اتقاء للزم والملامة, ومن هنا كان الحياء خيراًَ, ولا يأتي إلا بخير كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله " الحياء لا يأتي إلا بخير " رواه البخاري ومسلم عن عمران بن حصين. ( أقوال في الحياء ) قال بعض الحكماء: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. قال بعض البلغاء: حياة الوجه بحيائه كما أن حياة الغرس بمائه. قال بعض البلغاء العلماء: يا عجباًَ ! كيف لا تستحي من كثرة ما لا تستحي, وتتقي من طول مالا تتقي ؟! وقال صالح بن عبد القدوس: إذا قل ماء الوجه قل حياؤه *** ولا خير في وجه إذا قل ماؤه حياءك فاحفظه عليك وإنما *** يدل على فعل الكريم حياؤه قال الجنيد رحمه الله: الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء, وحقيقته خلق يبعث على ترك القبائح وبمنع من التفريط في حق صاحب الحق. ومن كلام بعض الحكماء: أحيوا الحياء بمجالسة من يستحى منه, وعمارة القلب: بالهيبة والحياء فإذا ذهبا من القلب لم يبق فيه خير. قال الفضيل بن عياض: خمس علامات من الشقوة: القسوة في القلب, وجمود العين, وقلة الحياء, والرغبة في الدنيا, وطول الأمل. وقال يحيى بن معاذ: من استحيا من الله مطيعا استحيا الله منه وهو مذنب. وكان يحي بن معاذ يقول: سبحان من يذنب عبده ويستحي هو. ومن الآثار الإلهية:- * يقول الله عز وجل: [ ابن آدم.. إنك ما استحييت مني أنسيت الناس عيوبك.. وأنسيت بقاع الأرض ذنوبك.. ومحوت من أم الكتاب زلاتك.. وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة ] * ويقول الله عز وجل: [ ما أنصفني عبدي.. يدعوني فأستحي أن أرده ويعصيني ولا يستحي مني ] ( الحرص على الحياء والدعوة إليه ) المسلم إذ يدعو إلى المحافظة على خلق الحياء في الناس وتنميته فيهم إنما يدعو إلى خير ويُرشد إلى بر؛ إذ الحياء من الأيمان والأيمان مجمع كل الفضائل وعنصر كل الخيرات, وفي الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من الأيمان ", فدعا بذلك إلى الإبقاء على الحياء في المسلم ونهى عن إزالته ولو منع صاحبه من استيفاء بعض حقوقه, إذ ضياع بعض حقوق المرء خير له من أن يفقد الحياء الذي هو جزء أيمانه وميزة إنسانيته ومعين خيرته, ورحم الله امرأة كانت قد فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها, فقال أحدهم تسأل عن ولدها وهي منتقبة فسمعته فقالت: لأن أرزأ في ولدي خير لي من أرزأ في حيائي أيها الرجل. ( ما لا يمنعه الحياء ) خلق الحياء في المسلم غير مانع له أن يقول حقاً أو يطلب علماً أو يأمر بمعروف أو ينهى عن منـكر. • فقد شفع مرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه فلم يمنع الحياء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لأسامة في غضب: " أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة والله لو سرقت فلانة لقطعت يدها ". • ولم يمنع الحياء أم سليم الأنصارية أن تقول يا رسول الله: إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هب احتلمت ؟ فيقول لها رسول الله _ ولم يمنعه الحياء _ " نعم إذا رأت الماء ". • خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرة فعرض لغلاء المهور فقالت له امرأة أيعطينا الله وتمنعنا يا عمر ألم يقل الله (... وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاُ...), فلم يمنعها الحياء أن تدافع عن حق نسائها, ولم يمنع عمر أن يقول معتذرا: كل الناس أفقه منك يا عمر. • قال: مرة في المسلمين وعليه ثوبان فأمر بالسمع والطاعة فنطق أحد المسلمين قائلاً: فلا سمع ولا طاعة يا عمر عليك ثوبان وعلينا ثوب واحد, فنادى عمر بأعلى صوته: يا عبد الله ابن عمر فأجابه ولده: لبيك أبتاه فقال له: أنشدك الله أليس أحد ثوبي هو ثوبك أعطيتنيه ؟ قال : بلى والله , فقال الرجل : الآن نسمع ونطيع , فانظر كيف لم يمنع الحياء الرجل أن يقول , ولا عمر أن يعترف . ( معنى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ) روى شعبة عن منصور بن ربعي عن أبي منصور البدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: يا ابن آدم إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " وليس هذا القول إغراء بفعل المعاصي عن قلة الحياء كما توهمه بعض من جهل معاني الكلام ومواضعات الخطاب, وفي مثل هذا الخبر قول الشاعر: إذا لم تخـشى عاقبـة الليالي *** ولم تستحي فاصنع ما تشـاء فلا والله ما في العيش خيـر *** ولا الدنيا إذا ذهـب الحيـاء يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحـاء واختلف أهل العلم في معنى هذا الخبر: • فقال أبوبكر بن محمد الشاشي في أصول الفقه: - معنى هذا الحديث أن من لم يستحي دعاه ترك الحياء إلى أن يعمل ما يشاء لا يردعه عنه رادع, فليستحي المرء فإن الحياء يردعه. • وقال أبو بكر الرازي من أصحاب أبي حنيفة أن المعنى فيه إذا عُرضت عليك أفعالك التي هممت بفعلها فلم تستحي منها لحسنها وجمالها فاصنع ما شئت منها فجعل الحياء حكماً على أفعاله وكلا القولين حسن والأول أشبه لأن الكلام خرج عن النبي صلى الله عليه وسلم مخرج الذم لا مخرج المدح, ولكن قد جاء حديث بما يضاهي الثاني وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " ما أحببت أن تسمعه أذناك فائته وما كرهت أن تسمعه أذناك فاجتنبه " ( أنواع الحياء ) قال أبو الحسن الماوردي في كتابه " أدب الدنيا والدين ":- والثاني:الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه: أحدها: حياؤه من الله تعالى. والثاني : حياؤه من الناس . والثالث: حياؤه من نفسه. فأما حياؤه من الله تعالى فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره... روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " استحيوا من الله عز وجل حق الحياء, فقيل يا رسول الله فكيف نستحي من الله عز وجل حق الحياء ؟ قال: من حفظ الرأس وما وعى, والبطن وما حوى, وترك زينة الحياة الدنيا, وذكر الموت والبلى: فقد استحيا من الله عز وجل حق الحياء " وهذا الحديث من أبلغ الوصايا. ويقول أبو الحسن الماوردي عن نفسه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ذات ليلة, فقلت يا رسول الله, أوصني, فقال: استحي من الله عز وجل حق الحياء... ثم قال: تغير الناس. قلت: وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال: كنت أنظر إلى الصبي, فأرى من وجهه البشر والحياء, وأنا أنظر إليه اليوم, فلا أرى ذلك في وجهه. وأما حياؤه من الماس: فيكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح, وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من تقوى الله اتقاء الناس " وروى أن حذيفة بن اليمان أتى الجمعة فوجد الناس قد انصرفوا, فتنكب الطريق عن الناس, وقال: لا خير فيمن لا يستحي من الناس. وأما حياؤه من نفسه, فيكون بالعفة وصيانة الخلوات.. وقال بعض الحكماء: ليكن استحياؤك من نفسك أكثر من استحيائك من غيرك, وقال بعض الأدباء: من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية, فليس لنفسه عنده قدر. المصادر والمراجع: - (1) أدب الدنيا والدين لأبي الحسن الماوردي. (2) مدارج السالكين لابن القيم الجوزية. (3) منهاج المسلم لأبي بكر جابر الجزائري